from Exhausted on the Cross
Najwan Darwish
قصيدة عرَضية بسبب امرأة
وصلتُ إلى هذه المدينة بسبب موعدٍ عَرَضي مع امرأة
وها هي سنواتٌ سبعٌ تنقضي وأنا فيها
تلك المدينة أيضاً قطعتُ الجسر إليها بسبب موعدٍ (كان هو الآخر عَرَضياً)
كلُّ مكان ذهبتُ إليه كان بسبب امرأة
ورغم جميع مزاعمي الجوفاء أنّ النساء بلا زِمام
فإنّ دليلي كان دائماً امرأة
ولدتني امرأة
وامرأةٌ أمسكت أصابعي وكتبتْ
(وما زالت تكتب حتّى بعد موتها)
كلّ بيتٍ سكنتُه بَنَتْهُ امرأة أو ملكتهُ امرأة أو خسرتهُ امرأة
بلادي امرأة
وهذه الإلهة الأُم التي أجرُّ الصليب في شوارعها امرأة
وحين كانت جثّتي في العراء ممنوعةً من الدفن
ـ في حياةٍ سابقة ـ
خرجتْ لهم من الظلام لتدفنني امرأة
حين لم يصدِّقني أحد
صدَّقتني امرأة
وبسبب امرأة عشتُ الحياةَ بالطول والعرض
من المؤسف حقّاً أنّ الرجال وحدَهم سيدفِنونني.
إلى الجحيم
إلى الجحيم، ولتسقط الذكرياتُ
مثل ثُريّاتِ قصرِ طاغية
ولا تهمّني دبّابات من تُسقِطها الآن:
دبّاباتٌ أنجلوسكسونية
جرمانية
دبّابات موسْكوب
[دبّاباتٌ ترتدُّ وراء مدافعها مثل بحّارةٍ يَسْعلون]
فلتسقط الذكريات
وليرتفع غبارُ سَقْطتِها...
إلى الجحيم.
الأرض
الأرضُ مرابيةٌ تطرُد عشّاقها المفلِسين
أُولئك من أنفقوا الدهور
يُلحِّنون لها المطوَّلات
من سقطت أسنانُهم وهم يأكلون الصبَّار في خندقها.
مرابيةٌ تطارد مفلسين إلى دهر الدهور.
في مخيّم شاتيلا
تقفُ في القيظ أمام ”بيتها“ في مخيّم شاتيلا
تقول لك العجوزُ السامقة التي خرجتْ من حيفا وعمرها تسعة أشهر
وهي الآن في الخامسة والستين: “عايشين بِذُلْ هون” . . .
في كلمتين
في لحظتين تقول لك كلّ شيء
أنهرٌ من الندم
سنواتٌ طويلةٌ من العذاب
تَغرَقُ في الكلمتين.
تنظرُ إلى ظهرها المُنحني
وتتذكّرُ أشجارَ الصنوبر في الكرمل
تنظرُ إلى عينيها
وتتذكّر سماحةَ الشاطئ
تشكو لك من ماء البحر المالح في الحنفيّات
ولا تستطيعُ سوى أن تبتسم وأنت تفتح قلبك لهذه الطفلة المُلتاعة
(أنت تعرف أنّك قد لا تراها ثانيةً
وأنّك حين تعودُ إلى حيفا لن تجدها هناك).
ماذا قالت لك وهي تودِّعك
ماذا وعدتها وأنت تودِّعها
كيف أمكنك أن تبتسم دون اكتراثٍ لأسيجةِ الحدودِ الشائكة
وهي تَلتفُّ على قلبك ـ ومياهُ البحر مالحة...
كيف أمكنكَ
كيف أمكنك...
يا ابن الحرام!
إلى عبد الأمير جرص
اليوم عثرتُ على دفتركَ في غرفة الغسيل
وقد طاله الغبارُ في بيتِ “صديقك الوفيّ”
إذاً، ما حالها كلماتُكَ في بيوت الانتهازيين ـ أُولئك الذين كنتَ تطلُعُ عليهم طلوعَ الشمسِ على الخديعة؟
أرأيتَ ماذا فعلت السنين بوفائي؟
شهامتك في البال حبلٌ من العصافير
ولستَ الذي يَطويه قبرٌ
أنا خَجِلٌ من الحياة خجلي من الموت
خَجِلٌ من العشب فوق قبرك لا يعرفُ من أنت
تعال أُشاطرك خجلي.
ماذا صنع الزمانُ وماذا فعل الطغاةُ بالأرض
وأين يصبُّ هذا النهر من النسوة المُجلَّلات بالسَّواد؟
الرُمّان يتفتّح في حدائق العراق
والأطفال يتراكضون في أزقَّةٍ من التراب لم تعد موجودةً
ويقال إنّ مياهاً تجري في أنهرٍ لم تعد موجودةً
.. ليتنا فقط دفنّاك.
العمّالُ يُغسِّلون بالفجر
بالماء البارد
بالعتمة
ونحن مصدِّقون يا رب أنَّ الشّقاء هديةٌ منك
وذات يوم سنجيؤك ضارعين:
أرجِعْ لنا سنوات الشّقاء
أعِدْ لي حتّى الكذب الذي كذبناه على أنفسنا.
قصائدك في الفجر أشجارٌ مهشَّمةٌ
ودفترك طيرٌ يَرِفُّ في هذه الحُجراتِ
المُقْفَلَة
تعال أُشاطرك غيابَ الهواء،
والأملَ المتسلِّلَ بلا رجعةٍ وراء الحدود.
وصلتُ إلى هذه المدينة بسبب موعدٍ عَرَضي مع امرأة
وها هي سنواتٌ سبعٌ تنقضي وأنا فيها
تلك المدينة أيضاً قطعتُ الجسر إليها بسبب موعدٍ (كان هو الآخر عَرَضياً)
كلُّ مكان ذهبتُ إليه كان بسبب امرأة
ورغم جميع مزاعمي الجوفاء أنّ النساء بلا زِمام
فإنّ دليلي كان دائماً امرأة
ولدتني امرأة
وامرأةٌ أمسكت أصابعي وكتبتْ
(وما زالت تكتب حتّى بعد موتها)
كلّ بيتٍ سكنتُه بَنَتْهُ امرأة أو ملكتهُ امرأة أو خسرتهُ امرأة
بلادي امرأة
وهذه الإلهة الأُم التي أجرُّ الصليب في شوارعها امرأة
وحين كانت جثّتي في العراء ممنوعةً من الدفن
ـ في حياةٍ سابقة ـ
خرجتْ لهم من الظلام لتدفنني امرأة
حين لم يصدِّقني أحد
صدَّقتني امرأة
وبسبب امرأة عشتُ الحياةَ بالطول والعرض
من المؤسف حقّاً أنّ الرجال وحدَهم سيدفِنونني.
إلى الجحيم
إلى الجحيم، ولتسقط الذكرياتُ
مثل ثُريّاتِ قصرِ طاغية
ولا تهمّني دبّابات من تُسقِطها الآن:
دبّاباتٌ أنجلوسكسونية
جرمانية
دبّابات موسْكوب
[دبّاباتٌ ترتدُّ وراء مدافعها مثل بحّارةٍ يَسْعلون]
فلتسقط الذكريات
وليرتفع غبارُ سَقْطتِها...
إلى الجحيم.
الأرض
الأرضُ مرابيةٌ تطرُد عشّاقها المفلِسين
أُولئك من أنفقوا الدهور
يُلحِّنون لها المطوَّلات
من سقطت أسنانُهم وهم يأكلون الصبَّار في خندقها.
مرابيةٌ تطارد مفلسين إلى دهر الدهور.
في مخيّم شاتيلا
تقفُ في القيظ أمام ”بيتها“ في مخيّم شاتيلا
تقول لك العجوزُ السامقة التي خرجتْ من حيفا وعمرها تسعة أشهر
وهي الآن في الخامسة والستين: “عايشين بِذُلْ هون” . . .
في كلمتين
في لحظتين تقول لك كلّ شيء
أنهرٌ من الندم
سنواتٌ طويلةٌ من العذاب
تَغرَقُ في الكلمتين.
تنظرُ إلى ظهرها المُنحني
وتتذكّرُ أشجارَ الصنوبر في الكرمل
تنظرُ إلى عينيها
وتتذكّر سماحةَ الشاطئ
تشكو لك من ماء البحر المالح في الحنفيّات
ولا تستطيعُ سوى أن تبتسم وأنت تفتح قلبك لهذه الطفلة المُلتاعة
(أنت تعرف أنّك قد لا تراها ثانيةً
وأنّك حين تعودُ إلى حيفا لن تجدها هناك).
ماذا قالت لك وهي تودِّعك
ماذا وعدتها وأنت تودِّعها
كيف أمكنك أن تبتسم دون اكتراثٍ لأسيجةِ الحدودِ الشائكة
وهي تَلتفُّ على قلبك ـ ومياهُ البحر مالحة...
كيف أمكنكَ
كيف أمكنك...
يا ابن الحرام!
إلى عبد الأمير جرص
اليوم عثرتُ على دفتركَ في غرفة الغسيل
وقد طاله الغبارُ في بيتِ “صديقك الوفيّ”
إذاً، ما حالها كلماتُكَ في بيوت الانتهازيين ـ أُولئك الذين كنتَ تطلُعُ عليهم طلوعَ الشمسِ على الخديعة؟
أرأيتَ ماذا فعلت السنين بوفائي؟
شهامتك في البال حبلٌ من العصافير
ولستَ الذي يَطويه قبرٌ
أنا خَجِلٌ من الحياة خجلي من الموت
خَجِلٌ من العشب فوق قبرك لا يعرفُ من أنت
تعال أُشاطرك خجلي.
ماذا صنع الزمانُ وماذا فعل الطغاةُ بالأرض
وأين يصبُّ هذا النهر من النسوة المُجلَّلات بالسَّواد؟
الرُمّان يتفتّح في حدائق العراق
والأطفال يتراكضون في أزقَّةٍ من التراب لم تعد موجودةً
ويقال إنّ مياهاً تجري في أنهرٍ لم تعد موجودةً
.. ليتنا فقط دفنّاك.
العمّالُ يُغسِّلون بالفجر
بالماء البارد
بالعتمة
ونحن مصدِّقون يا رب أنَّ الشّقاء هديةٌ منك
وذات يوم سنجيؤك ضارعين:
أرجِعْ لنا سنوات الشّقاء
أعِدْ لي حتّى الكذب الذي كذبناه على أنفسنا.
قصائدك في الفجر أشجارٌ مهشَّمةٌ
ودفترك طيرٌ يَرِفُّ في هذه الحُجراتِ
المُقْفَلَة
تعال أُشاطرك غيابَ الهواء،
والأملَ المتسلِّلَ بلا رجعةٍ وراء الحدود.