أحْـتاجُ لِـلعاديّ
حاتم الزهراني - الدمام
I
أحتاجُ فيروسًا يقربّني من العاديّ أكثرَ:
أيها العاديُّ كم تبدو غريبًا حين تنكسر المرايا الواضحاتُ ويكثرُ الوقتُ القليلُ!
أحتاجُ فيروسًا مميتًا لا علاجَ لهُ
وليسَ بفاتنٍ لكنّهُ سيغلّقُ الأبواب من دوني
ويدعوني لأنزع عن وساوسيَ المثيرة ثوبَها المنسوجَ من خيطٍ يكرّرُ نفسَهُ في الآخرينَ بكثرةٍ.
الآنَ: وحدكَ،
وحدكَ الآنَ: المصيرُ هنا
الطريق اللولبيُّ هنا
وأنتَ الدربُ نحوكَ والوصولُ
II
لا "آخرونَ" اليومَ.
هل هذا الذي ترجوهُ؟
لا صفٌّ بلوحٍ أسودٍ حتى يعذّبَ حُرّكَ الفرديَّ في سجنٍ من المعنى المعَدِّ كما تشاءُ السلطةُ الأولى،
ولا وقتٌ مع الجارِ المملِّ حديثُهُ عن خدعةِ التصويتِ في الرمقِ الأخيرِ من المنافسة الشريفةِ،
لا حديثٌ موجَزٌ من ساعتين مع القريب المستجيبِ إلى الإشاعات النبيلةِ عن خطى الدجالِ في الأرض الشريفةِ وحدَهُ،
لا "آخرونَ" لهُ ولا لكَ.
أنتَ منذُ الآن وحدكَ
لا خليلةَ كي تبادلك الغرامَ،
ولا خليلُ
لا آخرونَ هنا،
ففكّرْ في مصير الشعر
أو قلق القصيدةِ:
لا جحيمٌ كي تعادَلَـهُ بتجريبٍ حداثيِّ يرتبّ نصّكَ المنشودَ في رفِّ أنيقٍ فوقَ آخرِ ما كتبتَ.
هنا: هنا
لا قارئ متيقظٌ لتميمةِ الكلماتِ
لا جمهور أعمى
أنتَ: أنتَ
قبالةَ الورقِ المقوّى
تستحثُّ رقيمَ كهفِكَ أن يقولَ للوحك المحفوظِ أغنيةً تبدّدُ خوفكَ المرضيَّ حين تثاءبت غيمُ السماءُ ولم تحن ريح الصّبا شوقًا
وأرهق عود منزلك الذبولُ
الآن أنتَ: هناكَ
هل تبدو كثيرًا أنتَ وحدكَ حين تركضُ حول ظلكَ في مكانٍ واحدٍ أو واضحٍ
(يبدو صغيرًا: في حدود الكائنِ البشريّ مثلي)
ثم تنشدُ:
أيها العاديُّ يقتلني الذهولُ!
III
أحتاجُ وجهكَ أيها العاديُّ:
كم تبدو جميلاً /
ربّما...
دعني أرتّب في الهوى لغتي..
لكمْ أشتاقُ وجهكَ أيها العاديُّ
يا دربي الذي في الغابِ لم أسلُـكْـهُ حين استصغرتْ نفسُ المغامرِ فيّ خطّاً مستقيمًا
واستوت في خاطري جنيّةٌ:
إنَّ المثيرَ المستحيلُ!
ذاك المثيرُ المستحيلُ!
أحتاجُ فيروسًا يقدّمني إلى العاديِّ.
يأخذني برفْقٍ من كلامي،
ثم يركَعُ من أمامي
كي يقدمني بشكلِ لائقٍ:
"هذا هنا ولَدٌ بعينين اثنتين وريشةٍ فرديّةٍ، ولَدتْهُ حوّاءُ التي كرِهَ استدامَتكَ المملّـةَ زوجُها في الطابق العلويِّ، فاحتطبا من الشجرِ الخرافيِّ الحرامِ ليهبطا في الأرضِ أسفلَ من كلامهما عليكَ ويبنيا بيتًا...
ولكن حينما خشياك في المرآةِ جاءا بابنةٍ ومحاربين اثنين يقتتلان كي تبقى بعيدًا -أيها المائيُّ- عن نارِ المغامرةِ الولودِ.
فها هنا ولدٌ بعينين اثنتين وريشةٍ أنثى يحاول أن يعيد الرسم، فاصفَحْ أيها المائيُّ والمكرورُ والعاديُّ عنهُ:
أخٌ جليلٌ (رغم ما قد قيل) وابنُ أخٍ جليلُ!
IV
أتخيّلُ العاديّ ينظر لي:
أنا؟
أنا كنتُ موجودًا لديها.
ساعةَ الرمل التي أغرتك رملتها البطيئة بابتكار حكايةٍ سحريةٍ عن قدرةِ الرجلِ المعاصر أن يقول لقمقم العفريتِ: ابنِ لبنتنا الصغرى على الرمل المذهّبِ قلعةً واسهَرْ عليْها..
قالَ عفريتٌ من الجنّ المعاصرِ: ربّما يبدو مفيدًا يا صديقي أن تشيّد قلعةً في الشاطئ الرمليّ لابنتِكم جوار البحر:
تُعجَبُ بانعكاسك صفحةُ المرآةِ،
زوجتكُ الأنيقةُ سوف تبدو أنت فارسَها المثيرَ،
وبنتكَ الصغرى ستصرخُ: يا أبي! بطلي الوحيد ولا مثيلُ!
-أتخيّلُ العاديّ يهزأ بي:
أنا؟؟؟
أنا كلّ ما لا تستطيعُ الآن: جولتك البليدة في الشوارع تحت صوت الرعدِ والقرصِ الموسيقيّ المؤجلِ.
كلُّ ما لا تستطيع الآنَ:
وجهكَ والمصافحَةُ البليدةُ.
أو حديث الناس في المقهى عن الكرة التي لم تدخلِ المرمى وقد دخلتْ.
أنا المتداوَلُ السقطُ الهزيلُ
أتخيّلُ العاديّ يكملُ:
من أنا؟؟؟
درْسُ الجيولوجيا المملُ عن الأحافيرِ البليغةِ قبل أن يدنو من الشجر الخرافيِّ الحرامِ أبوكَ.
بيتُ الجدّةِ المنقوعِ في عسل الحكايات الجنوبيّ،
السلامُ اللاإراديُّ البخيلُ...
...على المكافحِ حين أسقطه صراع العرش بين قبيلتين مهابهاراتا اهتدت لهما وأسقطتِ اسمهُ،
فأتاك يرفع عن شعار بلادكَ القوميِّ أعقاب السجائرِ كي تؤديّ يومها الوطنيّ حتى آخرِ الليل المعبّأِ بالأغاني الصاخباتِ.
أنا هنا العاديّ،
والمكرورُ،
والمغرورُ،
والمسرورُ،
والمسحوقُ،
والمسحورُ
إني ها هنا:
همجيّكَ الفحلُ النبيلُ!
همجيّكَ الفحلُ النبيلُ
V
أحتاجُ صوتكَ أيها العاديُّ حتى يستمرَّ الحلمُ باللحنِ المثيرِ هناكَ:
يا شوق الأوروبِّيِّ المغامرِ للأسامي البكرِ في الأرض الجديدةِ في طريق الهندِ،
يا ولعَ الرجالِ البيضِ بالفانتازيا: قلب الظلامِ الأفريقيُّ، حكايةُ السنبادِ بين اللؤلؤ المنثورِ في جزرِ الحكايةِ قرب بحر السندِ،
أو ما لا يشفُّ من الحريمِ وراءَ بابِ الشرقِ، خمر أبي نواسٍ للغلاميِّ الشقيّ يدوخُ من أثر البلاغةِ في الكؤوسِ،
الْـحرب يشعلها الحمى تنساب في ضرع البسوسِ،
الشعرُ عن مُـلكٍ مضاعٍ ليس يدركُ قيصرا...
بيت يقدِّسهُ الثلاثةُ في المساءِ، ولا يباع ويشترى...
يا أيها العاديُّ: طالُ الليلُ،
فاصفح
كي يعودَ الشوقُ للحلم المثير:
ويكبر الفجر النحيلُ
أحتاجُ صوتك أيها العاديُّ حتى يستمرَّ الحلمُ باللحنِ المثيرِ هناكَ:
يا علمًا يقودُ البربريَّ الشهمَ في آيبيريا خلف المضيقِ لينعم الأمويُّ بالقصر المنيف دقيقةً أخرى ويغرس نخلة شعرية في الشام بعد دقيقتينِ،
هناكَ: يا وحي السماءِ الشهمَ نحو بطاحِ مكةَ بعد فيل الجندِ (رغم رجالِ هذي القريتينِ)،
تعالَ إني لا أراني
إنني: أحتاجُ صوتكَ أيها العاديُّ
أو: أحتاج صوتي فيكَ
حتى ينصت الملَـكُ الصناعيُّ المُـعَـلْـمَنُ فيَّ للوحي الطبيعيِّ العليِّ.
يقول لي: اقرَأْ! فأنظرُ نحوهُ: ماذا تقولُ؟!؟
اْقرَأْ! فأنظرُ مرةً أخرى:
أنا؟
حسنًا، سأفعل ما تقولُ.
حسنًا،
سأفعل
ما
تقولُ.
أحتاجُ فيروسًا يقربّني من العاديّ أكثرَ:
أيها العاديُّ كم تبدو غريبًا حين تنكسر المرايا الواضحاتُ ويكثرُ الوقتُ القليلُ!
أحتاجُ فيروسًا مميتًا لا علاجَ لهُ
وليسَ بفاتنٍ لكنّهُ سيغلّقُ الأبواب من دوني
ويدعوني لأنزع عن وساوسيَ المثيرة ثوبَها المنسوجَ من خيطٍ يكرّرُ نفسَهُ في الآخرينَ بكثرةٍ.
الآنَ: وحدكَ،
وحدكَ الآنَ: المصيرُ هنا
الطريق اللولبيُّ هنا
وأنتَ الدربُ نحوكَ والوصولُ
II
لا "آخرونَ" اليومَ.
هل هذا الذي ترجوهُ؟
لا صفٌّ بلوحٍ أسودٍ حتى يعذّبَ حُرّكَ الفرديَّ في سجنٍ من المعنى المعَدِّ كما تشاءُ السلطةُ الأولى،
ولا وقتٌ مع الجارِ المملِّ حديثُهُ عن خدعةِ التصويتِ في الرمقِ الأخيرِ من المنافسة الشريفةِ،
لا حديثٌ موجَزٌ من ساعتين مع القريب المستجيبِ إلى الإشاعات النبيلةِ عن خطى الدجالِ في الأرض الشريفةِ وحدَهُ،
لا "آخرونَ" لهُ ولا لكَ.
أنتَ منذُ الآن وحدكَ
لا خليلةَ كي تبادلك الغرامَ،
ولا خليلُ
لا آخرونَ هنا،
ففكّرْ في مصير الشعر
أو قلق القصيدةِ:
لا جحيمٌ كي تعادَلَـهُ بتجريبٍ حداثيِّ يرتبّ نصّكَ المنشودَ في رفِّ أنيقٍ فوقَ آخرِ ما كتبتَ.
هنا: هنا
لا قارئ متيقظٌ لتميمةِ الكلماتِ
لا جمهور أعمى
أنتَ: أنتَ
قبالةَ الورقِ المقوّى
تستحثُّ رقيمَ كهفِكَ أن يقولَ للوحك المحفوظِ أغنيةً تبدّدُ خوفكَ المرضيَّ حين تثاءبت غيمُ السماءُ ولم تحن ريح الصّبا شوقًا
وأرهق عود منزلك الذبولُ
الآن أنتَ: هناكَ
هل تبدو كثيرًا أنتَ وحدكَ حين تركضُ حول ظلكَ في مكانٍ واحدٍ أو واضحٍ
(يبدو صغيرًا: في حدود الكائنِ البشريّ مثلي)
ثم تنشدُ:
أيها العاديُّ يقتلني الذهولُ!
III
أحتاجُ وجهكَ أيها العاديُّ:
كم تبدو جميلاً /
ربّما...
دعني أرتّب في الهوى لغتي..
لكمْ أشتاقُ وجهكَ أيها العاديُّ
يا دربي الذي في الغابِ لم أسلُـكْـهُ حين استصغرتْ نفسُ المغامرِ فيّ خطّاً مستقيمًا
واستوت في خاطري جنيّةٌ:
إنَّ المثيرَ المستحيلُ!
ذاك المثيرُ المستحيلُ!
أحتاجُ فيروسًا يقدّمني إلى العاديِّ.
يأخذني برفْقٍ من كلامي،
ثم يركَعُ من أمامي
كي يقدمني بشكلِ لائقٍ:
"هذا هنا ولَدٌ بعينين اثنتين وريشةٍ فرديّةٍ، ولَدتْهُ حوّاءُ التي كرِهَ استدامَتكَ المملّـةَ زوجُها في الطابق العلويِّ، فاحتطبا من الشجرِ الخرافيِّ الحرامِ ليهبطا في الأرضِ أسفلَ من كلامهما عليكَ ويبنيا بيتًا...
ولكن حينما خشياك في المرآةِ جاءا بابنةٍ ومحاربين اثنين يقتتلان كي تبقى بعيدًا -أيها المائيُّ- عن نارِ المغامرةِ الولودِ.
فها هنا ولدٌ بعينين اثنتين وريشةٍ أنثى يحاول أن يعيد الرسم، فاصفَحْ أيها المائيُّ والمكرورُ والعاديُّ عنهُ:
أخٌ جليلٌ (رغم ما قد قيل) وابنُ أخٍ جليلُ!
IV
أتخيّلُ العاديّ ينظر لي:
أنا؟
أنا كنتُ موجودًا لديها.
ساعةَ الرمل التي أغرتك رملتها البطيئة بابتكار حكايةٍ سحريةٍ عن قدرةِ الرجلِ المعاصر أن يقول لقمقم العفريتِ: ابنِ لبنتنا الصغرى على الرمل المذهّبِ قلعةً واسهَرْ عليْها..
قالَ عفريتٌ من الجنّ المعاصرِ: ربّما يبدو مفيدًا يا صديقي أن تشيّد قلعةً في الشاطئ الرمليّ لابنتِكم جوار البحر:
تُعجَبُ بانعكاسك صفحةُ المرآةِ،
زوجتكُ الأنيقةُ سوف تبدو أنت فارسَها المثيرَ،
وبنتكَ الصغرى ستصرخُ: يا أبي! بطلي الوحيد ولا مثيلُ!
-أتخيّلُ العاديّ يهزأ بي:
أنا؟؟؟
أنا كلّ ما لا تستطيعُ الآن: جولتك البليدة في الشوارع تحت صوت الرعدِ والقرصِ الموسيقيّ المؤجلِ.
كلُّ ما لا تستطيع الآنَ:
وجهكَ والمصافحَةُ البليدةُ.
أو حديث الناس في المقهى عن الكرة التي لم تدخلِ المرمى وقد دخلتْ.
أنا المتداوَلُ السقطُ الهزيلُ
أتخيّلُ العاديّ يكملُ:
من أنا؟؟؟
درْسُ الجيولوجيا المملُ عن الأحافيرِ البليغةِ قبل أن يدنو من الشجر الخرافيِّ الحرامِ أبوكَ.
بيتُ الجدّةِ المنقوعِ في عسل الحكايات الجنوبيّ،
السلامُ اللاإراديُّ البخيلُ...
...على المكافحِ حين أسقطه صراع العرش بين قبيلتين مهابهاراتا اهتدت لهما وأسقطتِ اسمهُ،
فأتاك يرفع عن شعار بلادكَ القوميِّ أعقاب السجائرِ كي تؤديّ يومها الوطنيّ حتى آخرِ الليل المعبّأِ بالأغاني الصاخباتِ.
أنا هنا العاديّ،
والمكرورُ،
والمغرورُ،
والمسرورُ،
والمسحوقُ،
والمسحورُ
إني ها هنا:
همجيّكَ الفحلُ النبيلُ!
همجيّكَ الفحلُ النبيلُ
V
أحتاجُ صوتكَ أيها العاديُّ حتى يستمرَّ الحلمُ باللحنِ المثيرِ هناكَ:
يا شوق الأوروبِّيِّ المغامرِ للأسامي البكرِ في الأرض الجديدةِ في طريق الهندِ،
يا ولعَ الرجالِ البيضِ بالفانتازيا: قلب الظلامِ الأفريقيُّ، حكايةُ السنبادِ بين اللؤلؤ المنثورِ في جزرِ الحكايةِ قرب بحر السندِ،
أو ما لا يشفُّ من الحريمِ وراءَ بابِ الشرقِ، خمر أبي نواسٍ للغلاميِّ الشقيّ يدوخُ من أثر البلاغةِ في الكؤوسِ،
الْـحرب يشعلها الحمى تنساب في ضرع البسوسِ،
الشعرُ عن مُـلكٍ مضاعٍ ليس يدركُ قيصرا...
بيت يقدِّسهُ الثلاثةُ في المساءِ، ولا يباع ويشترى...
يا أيها العاديُّ: طالُ الليلُ،
فاصفح
كي يعودَ الشوقُ للحلم المثير:
ويكبر الفجر النحيلُ
أحتاجُ صوتك أيها العاديُّ حتى يستمرَّ الحلمُ باللحنِ المثيرِ هناكَ:
يا علمًا يقودُ البربريَّ الشهمَ في آيبيريا خلف المضيقِ لينعم الأمويُّ بالقصر المنيف دقيقةً أخرى ويغرس نخلة شعرية في الشام بعد دقيقتينِ،
هناكَ: يا وحي السماءِ الشهمَ نحو بطاحِ مكةَ بعد فيل الجندِ (رغم رجالِ هذي القريتينِ)،
تعالَ إني لا أراني
إنني: أحتاجُ صوتكَ أيها العاديُّ
أو: أحتاج صوتي فيكَ
حتى ينصت الملَـكُ الصناعيُّ المُـعَـلْـمَنُ فيَّ للوحي الطبيعيِّ العليِّ.
يقول لي: اقرَأْ! فأنظرُ نحوهُ: ماذا تقولُ؟!؟
اْقرَأْ! فأنظرُ مرةً أخرى:
أنا؟
حسنًا، سأفعل ما تقولُ.
حسنًا،
سأفعل
ما
تقولُ.