خمس قصائد
عاشور الطويبي
الحدود
خطوتان فقط، من الساحة العامّة
لثلاثين عاماً لم أستطع عبور هاتين الخطوتين
أو أشارك المبنوذين رقصة الوداع
لثلاثين عاماً لم أفهم شهقة الله
املأ كفّي بثلجِ ليلةٍ تحتضر
رجال الشرطة أشاروا ببنادقهم
إلى وجوهٍ بلا ملامح
أشاروا إلى أكياس أشلاء
ليس لأن اللغة عبرت عتبة القطار
ليس لأن الأحلام غنّتْ أغنية القنديل
لا، لا، ليس ...
عند الظهيرة تماماً
الظلالُ نزلت المنحدر ورحلت
الرجال رحلوا
النساء والأطفال رحلوا
عند الظهيرة تماماً جاء موتٌ
وجاء موتٌ أخر
وموتٌ آخرُ
أشياء يمكن سماعها
الطريق إلى القلب لا تذهب إليه على ظهر بعير
الطريق إلى القلب لا تذهب إليه على ظهر منام
أشياء يمكن سماعها في النعاس الشفيف:
دحرجةَ الكرة بين أقدام الصبية
تكسّر حصاة تسقط من سقف بيت
خفق أجنحة طيور في طريقها إلى الجنوب
زفرة عجوز في شرفة البيت الكبير
خشخشة عشّ طائر
شجرة مشمش تثمرُ أول مرّة
ما تطلّعتُ مرةً من نافذة الكون إلا رأيتُ
ظلمةَ ليلٍ وصافرة حارسٍ
زهرةً على ضفّة النهر الأخرى
رجلاً يسير خلفي
تحت وسادتي شمسٌ كلّما كبرتْ صغرتْ
أهل تاورغاء
ليتهم أخذوا ماشيتهم معهم
ليتهم أخذوا نيرانهم معهم
غريبٌ وغريبةٌ من تاورغاء
ذاكرتهم تلمع على نياشين جنرال ميت
سبيلي إليكَ ليس هو سبيلكَ إليّ
ثلاث بطاطات ساخنة
وتنّور يفورُ بالكلمات
لهم في البيت حُجرة للبكاء
الكوّة في الجدار كوّة
ويدُ القتيل يدٌ تَشرقُ بالأسئلة
أرواحنا أخذتها الغربان في مناقيرها
أسقطتها في هوٍّ عميق
بئرٌ بلا ماء، بكرةٌ بلا حَبْل
لا يُنادى عليهم في بيوتهم إلا ساعة أو بعض ساعة
إلى المزارع تهفوا عيونهم عمياء كالليل
لتخبر القصّة كمن يخرج نهرًا من جيبه
ماذا تنتظر، مجيء البريد!
كلبٌ يخفى ذيله في ظلمة الليل
في قريتي في الطويبية
في ثمالة الكأس أرى شجرتي
التي غرستها أمام غرفة الضيوف
أرى أزهارها الصفراء التي تتفتّح في الشتاء
أجلس تحتها وطائرُ الحنّاء
أنا أشرب كأسي بارداً كما يحلو لي
وهو يلتقط الفول السوداني من على قبعتي كما يحلو له
آهٍ يا شجرتي التي تزهرُ في الشتاء
في الطويبية التي دخلَتْها الميليشيات
كنتُ أستمتع بسقوط حبّات المطر
كنتُ أسمعها لأنّها تسقطُ على الرمل الظامىء
الآن في بلاد يغطّيها الموتُ ينزل المطر أخرسَ
أرى حبّاته عالقة بحافّة الشرفة ثمّ تسقطُ تسقطُ تسقطُ
الكلبُ أخفى ذيلَه بقطعة من الليل
الماءُ إلى ركبتيه إنْ مدّ عنقَه
لامسَ شجرةَ الزيتون التي تُنصتُ
بيت في الريح
ما بعد ظهيرةٍ هشّةٍ
بحرٌ شاسعٌ
أشجارٌ فارغةٌ
فراشةٌ وقبرٌ
أنا هنا
القرويّون هنا
حكايات بلغاتٍ غريبةٍ هنا
ألسنةٌ مكسورةٌ هنا
ليتني عرفتُ أنّي اتّكأتُ على غياب
ليتني عرفتُ أنّ الجدجدَ أخافَ اليرقة الصغيرة
ليتني عرفتُ أنّ الكلمات هائمةٌ والقهوةَ خفيفةٌ
ليتني عرفتُ أنّ العيون محجّبةٌ والجَرسَ ملعونٌ
قواربُ الفقراء
رفعتْ وجوه اللاجئين أشرعةً لها
وحدهم الخائفون
قادرون على بناء بيتٍ في الريح
خطوتان فقط، من الساحة العامّة
لثلاثين عاماً لم أستطع عبور هاتين الخطوتين
أو أشارك المبنوذين رقصة الوداع
لثلاثين عاماً لم أفهم شهقة الله
املأ كفّي بثلجِ ليلةٍ تحتضر
رجال الشرطة أشاروا ببنادقهم
إلى وجوهٍ بلا ملامح
أشاروا إلى أكياس أشلاء
ليس لأن اللغة عبرت عتبة القطار
ليس لأن الأحلام غنّتْ أغنية القنديل
لا، لا، ليس ...
عند الظهيرة تماماً
الظلالُ نزلت المنحدر ورحلت
الرجال رحلوا
النساء والأطفال رحلوا
عند الظهيرة تماماً جاء موتٌ
وجاء موتٌ أخر
وموتٌ آخرُ
أشياء يمكن سماعها
الطريق إلى القلب لا تذهب إليه على ظهر بعير
الطريق إلى القلب لا تذهب إليه على ظهر منام
أشياء يمكن سماعها في النعاس الشفيف:
دحرجةَ الكرة بين أقدام الصبية
تكسّر حصاة تسقط من سقف بيت
خفق أجنحة طيور في طريقها إلى الجنوب
زفرة عجوز في شرفة البيت الكبير
خشخشة عشّ طائر
شجرة مشمش تثمرُ أول مرّة
ما تطلّعتُ مرةً من نافذة الكون إلا رأيتُ
ظلمةَ ليلٍ وصافرة حارسٍ
زهرةً على ضفّة النهر الأخرى
رجلاً يسير خلفي
تحت وسادتي شمسٌ كلّما كبرتْ صغرتْ
أهل تاورغاء
ليتهم أخذوا ماشيتهم معهم
ليتهم أخذوا نيرانهم معهم
غريبٌ وغريبةٌ من تاورغاء
ذاكرتهم تلمع على نياشين جنرال ميت
سبيلي إليكَ ليس هو سبيلكَ إليّ
ثلاث بطاطات ساخنة
وتنّور يفورُ بالكلمات
لهم في البيت حُجرة للبكاء
الكوّة في الجدار كوّة
ويدُ القتيل يدٌ تَشرقُ بالأسئلة
أرواحنا أخذتها الغربان في مناقيرها
أسقطتها في هوٍّ عميق
بئرٌ بلا ماء، بكرةٌ بلا حَبْل
لا يُنادى عليهم في بيوتهم إلا ساعة أو بعض ساعة
إلى المزارع تهفوا عيونهم عمياء كالليل
لتخبر القصّة كمن يخرج نهرًا من جيبه
ماذا تنتظر، مجيء البريد!
كلبٌ يخفى ذيله في ظلمة الليل
في قريتي في الطويبية
في ثمالة الكأس أرى شجرتي
التي غرستها أمام غرفة الضيوف
أرى أزهارها الصفراء التي تتفتّح في الشتاء
أجلس تحتها وطائرُ الحنّاء
أنا أشرب كأسي بارداً كما يحلو لي
وهو يلتقط الفول السوداني من على قبعتي كما يحلو له
آهٍ يا شجرتي التي تزهرُ في الشتاء
في الطويبية التي دخلَتْها الميليشيات
كنتُ أستمتع بسقوط حبّات المطر
كنتُ أسمعها لأنّها تسقطُ على الرمل الظامىء
الآن في بلاد يغطّيها الموتُ ينزل المطر أخرسَ
أرى حبّاته عالقة بحافّة الشرفة ثمّ تسقطُ تسقطُ تسقطُ
الكلبُ أخفى ذيلَه بقطعة من الليل
الماءُ إلى ركبتيه إنْ مدّ عنقَه
لامسَ شجرةَ الزيتون التي تُنصتُ
بيت في الريح
ما بعد ظهيرةٍ هشّةٍ
بحرٌ شاسعٌ
أشجارٌ فارغةٌ
فراشةٌ وقبرٌ
أنا هنا
القرويّون هنا
حكايات بلغاتٍ غريبةٍ هنا
ألسنةٌ مكسورةٌ هنا
ليتني عرفتُ أنّي اتّكأتُ على غياب
ليتني عرفتُ أنّ الجدجدَ أخافَ اليرقة الصغيرة
ليتني عرفتُ أنّ الكلمات هائمةٌ والقهوةَ خفيفةٌ
ليتني عرفتُ أنّ العيون محجّبةٌ والجَرسَ ملعونٌ
قواربُ الفقراء
رفعتْ وجوه اللاجئين أشرعةً لها
وحدهم الخائفون
قادرون على بناء بيتٍ في الريح